
”شاهين” هي أنثى الصقر
صفا/نيوز/ كتبت سميرة الخياري كشو
حين خيّروها أي عنوان تريد أن تسكن إليه …ضمن الندوة الصحفية التي أقيمت بفضاء الميديا بمسرح قرطاج الدولي ضمن فعاليات الدورة 59 لأيام قرطاج الدولي بتونس …
خيّرت الفنّانة أحلام إحتلال منصب الأم .. ”أم فاهد ” وتفاخرت بنسبها وعشيرتها وإسمها الخماسي.وانتسابها لدولتها الإمارات وللخليح وللأمة العربية .. .وتخّلت بمحض إرادتها عن منصب ”الملكة” أو ”سفيرة الأغنية الخليجية ” على إعتبار أنها أوّل فنّانة خليجية تعتلي ركح قرطاج قبل 28 عاما.
”أم الولد ”
….أحلام التي رأت في نفسها أنها ”أم الولد ” إختصرت بذلك صورتها في صورة ”الأم”التي أرادت لها أن تكون عملاقة من خلال كلّ التفاصيل التي إهتمت بها من تقديم نفسها ومشاركة مشاعرها مع الجمهور الذي قدم ليشاهد أحلام الفنانة المغرورة .. أحلام التي سبق وتوجّت نفسها ”ملكة ” وتفاخرت بمظهرها .. أحلام عضو لجنة التحكيم في برامج المواهب والتي رأو فيها إمرأة متسلطة لا يعجبها العجب ..
وليكتشف الوجه الأخر لأحلام التي إستقبلته بكّل حّب ومشاعر .. معلنة أنها إمرأة بسيطة وحساسّة ودموع محبوسة الى عينيها الاّمعتين ..لم تخفيها أضواء الشهرة ولا المال ..
استقبلتهم كما تستقبل ”أم الوليد” مهنئيها ..مع صورة كبرى من خلفها لواجهة أبواب قصر مفتوح الى بعض من مصراعيه ..
وأهدتهم أساور بسيطة مضيئة تتغيّر ألوانها مع النمط الموسيقي ..وتتلألئ حين تنطفئ الأضواء الى الجالسين الى العرض ..
وكأنما أردات أن تراقب كل نقطة مضيئة في حديقة قصرها .. فتستشعر المسافات بينها وبين كل ضيف قادم الى عرضها ..

” سيّدة القصر ”
فبّدت ”أحلام” في أقرب صورة الى” سيّدة القصر ” التي عادت بعد غياب…وهي تستقبل ضيوفها فردا فردا ..وتتقبل تهانيهم ..فكانت ”الملكة” و”الأم” و”المطربة ”و”المحبّة” و”المشتاقة” وأثبتت انها جديرة بأن تكون فعلا سفيرة الأغنية الخليجية ..لحنا وكلمات ….
تحدثت عن وطنها..وقدّمت شعراءها وملحنيه ومبدعيه كما تفاخرت بثقافتها وبالتقاليد ..وبلهجتها ..وبأطفالها وزوجها ..

”العناق الاخير”
بين ألبومها الأول الحامل لعنوان ”أحلام ”..وبين ألبومها الأخير ”العناق الاخير” ..ثلاثون عاما من مسيرة فنيّة رأت فيها أنها حاولت ان تقدّم فنّا محترما وألحانا وكلمات معززة نجاحها الى أسرتها الصغيرة وزوجها الذي ساندها ..
”ألف ليلة وليلة”
ليلة 21 أوت أو هي ليلة العمر… ”لأم فاهد ” دقّت ساعة الصفر لانطلاق العرض التي إختارت له بداية موسيقية ..لأغنية ”ألف ليلة وليلة” …
موسيقى ”ألف ليلة وليلة ” التي ختمت بها ”ميّ فاروق” ”المصرية” عرضها الى قرطاج في الذكرى ”الخمسون” لأم كلثوم ..إفتتحت به ”أحلام” الإماراتية عرضها لغياب ” ثلاثون عام ” وكأنما تقول أنها فتحت بوابة جديدة لقصة جديدة ..لشهرزاد ضمن بوابة إفريقيا ..

”الرّهان”
- ربحت أحلام بنت زايد الّرهان وأعلنت ولادة جديدة ..كسبت من خلالها حّب جمهور كان لا يعرفها إلا من خلال برامج المواهب وكان يعتبرها فقط أنثى مغرورة فبّدت وكأنما جاءت لتكشف عن أحلام ما خلف الكواليس أحلام الفّنانة والأم والزوجة وإبنة العشيرة وتعلن ولادة” شاهين ” جديدة ..بعد عناقها الاخير حيث أطلقتها الى الحريّة …بخاصة وأنها كانت جدّ متأثرة برحيل الشاعر ” مساعد الرشيدي ” وهو صاحب كلمات اغنية ” الطير حزين من الشتاء وإلا حزين من الضما يا طير… دخيل الريشتين اللي تضّفك حل عن عيني” مسبوقة بعزف على الناي ..
القصيدة التي كتبها وهو يدرك انه عائد الى وطنه الذي اشتاق اليه بلا أمل للعيش من جديد ..كتبها وهو يلتقي الى طائر أسود غريب حزين مثله يزوره كل صباح الى نافذة المستشفى …
احلام لم تغّني فقط …بل شاركتنا ثقافتها وثقافة دول الخليج ..شعراء سعوديون…وكلمات شعراء بلدها الامارات …ومنهم ” علي العبد الله ” التي إفتتحت باسمه واجهة العرض…وتقاليدها العشائرية التي تتبجح بأسماء الاباء والاجداد ..لتقدم نسبها ودورها قبل اسمها وتؤكد أن الانتماء لا ينتهي بمغادرة الوطن.
احلام لم تغّني فقط بل عايشتنا قصة شاعر كبير راحل لم تتخطى شهرته حدود جزء من الوطن العربي ..لكنها دفعتنا للبحث عن أشعاره وسماع كلماته …شاركتنا حياته الى الركح ..كما شاركتنا أوجاعه وهو يستعد للرحيل …فأحيته من جديد
فلم تكن فقط مطربة بل مساهمة في دعم ولو جزء من ثقافة بلدها وموروثه …
فغّنت عن الحبّ ”حبك موت” وعن لقاءات ليالي بيروت ..و”انا العب واياك ”و”خلوه يتحملني ”ولقاءهما بين المغرب وتونس و”ويّاك وياّك تعرفني مريض وتدري كام أحبّك ” التي شاركتها مع طفل من الحضور دعته الى ركح المسرح ..وكانما تعلن ان لكلماتها توارث لاجيال وان الكلمات الجميلة لا تموت ..

أحلام التي لم تلتزم ب”كوندكتور” السهرة فبدت المتحّكمة بكل التفاصيل ..لم تلتزم أيضا بتوقيت قرطاج وبساعته الصفر التي تُنهي العروض الى منتصف الليل ..وواصلت الغناء رغم اصابتها برضوض نتيجة سقوط مفاجئ قبل العرض والبروفات ..
وقفت الى الركح ثلاث ساعات رغم ” رداءة صدى مكبرات الصوت ” الذي تطلّب مساحات من التدخلّ وغنّت سبعة عشرة أغنية من بينها الاغنية التونسية ” على المقياس نغنّي ” مرفوقة ببالي راقص للفنون الشعبية التونسية ..وعلى نغمة آلة النفخ الزكرة لحيدر سعد ..
فبين ‘الناي” و”المزمار” و”الزكرة” ..و”دفوف” الخليج والاته الموسيقية ونغماته …خلقت سيّدة القصر عنوانا لسوارها وبنت جسرا جديدا للثقافة الخليجية .. في عرض فنّي بدا أقرب الى دعوة مفتوحة لتبادل الزيارات ..وربّما الى عملية تصالح جديد مع اللهّجات..التي بيّنت فيها قرطاج ..أو هي ”قرط حدث” أنها المدينة التي يمكنها ان تحتضن كل اللّهجات مهما كانت وتتفهمها..من المحيط الى الخليج ..وأنها قادرة على لملمة شتات الامةّ والحفاظ على هويّتها مهما كانت الخلافات على واجهة الساحة السياسية …

افتتحت عرضها بحمدها لله على مشهد مسرح قرطاج الذي غصّ بالجماهير ..وأنهته بماشاء الله على الطفل الذي سلّمته المصدح ..ليقول كلمة ختام الاغنية ”أنا أحبّك ” ولم تغادر واجهة قصرها الا بعد أن حيّت كل فريق عملها وكل من ساهم في إنجاح عرضها كأي ”سيّدة قصر” تتحكم الى حديقتها …

شاهين/ هي أنثى الصقر