أخبار ثقافية

أضحى مفتوحا للعموم ..قرطاج تتجدّد… والتاريخ ينبض من جديد في متحف المسيحي المبكّر

شهدت مدينة قرطاج وبعد سنوات طويلة من الانتظار افتتاح متحف المسيحي المبكّر في حلّته الجديدة للعموم في حدث ثقافي بارز.

ويُعدّ هذا المتحف، الذي تأسّس سنة 1984، أحد أهمّ الفضاءات المخصّصة لعرض الشواهد الأثرية للفترة المسيحية والرومانية المتأخرة بقرطاج.

وقد لعب منذ إنشائه دورًا محوريًا في حفظ الذاكرة الحضارية للمدينة، قبل أن يخضع اليوم لعملية تأهيل معمّقة أعادت إليه مكانته الثقافية والعلمية ومنحته روحًا معاصرة تُبرز ثراء محتوياته.

وجاءت إعادة الافتتاح ثمرة مشروع مشترك بين وكالة إحياء التراث والتنمية الثقافية والمعهد الوطني للتراث، في إطار رؤية استراتيجية تشرف عليها وزارة الشؤون الثقافية وتهدف إلى الارتقاء بجودة العرض المتحفي في تونس.

وقد أنجزت الوكالة جملة من التدخلات الهيكلية شملت تنظيفًا شاملًا لمحيط الموقع، وتبليط المسار الرئيسي المؤدي إلى المتحف، وتركيز منظومة مراقبة جديدة، فضلًا عن تحسين فضاءات الاستقبال وتحديث تجهيزاتها بما يضمن مسار زيارة متكامل في ظروف مريحة وعصرية.

وفي الجانب العلمي، تولّى المعهد الوطني للتراث إعداد العرض الجديد للمتحف عبر فريق من الخبراء العلميين التونسيين والأجانب، مع إعادة بناء مسار سردي يُبرز تطوّر المسيحية المبكّرة في قرطاج من خلال مجموعة فريدة من القطع الأثرية المستخرجة من حفريات كنائس ومنازل وسيرك المدينة، إضافة إلى فخار من الموانئ البونية يعود إلى الفترة القديمة المتأخرة. كما ساهم الباحث الأمريكي جون همفري، الذي ارتبط اسمه بحفريات قرطاج لسنوات طويلة، في دعم تجهيزات المتحف وإثراء محتواه العلمي.

ويكرّس هذا الافتتاح الناجح نموذجًا للتكامل الفعلي بين مؤسسات الثقافة والتراث في تونس، حيث يجتمع البعد العلمي بالبعد الجمالي، والعمل الميداني بالرؤية الاستراتيجية، ليقدّم للعموم متحفًا متجدّدًا قادرًا على استقطاب الزائر التونسي والسائح الأجنبي على حدّ سواء. إنّها خطوة جديدة تؤكد التزام الدولة بحماية موروثها المادي وتثمينه، وترسّخ موقع قرطاج كوجهة ثقافية عالمية تحتضن تاريخ الإنسانية في أبهى تجلّياته.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »